Monday, 11 November 2024
A+ R A-

التفكّر فى مخلوقات الله

أمرانِ ذكرهما الرسول مذكوران فى صحف إبراهيم أحَدُهما أنْ يتفَكّرَ في صُنعِ اللهِ،أي في حَالِ نَفسِه وفى حَالِ هَذِه الأرضِ التي يَعِيشُ علَيها وفي حَالِ العَالَم العُلويّ السّماءِ والنّجومِ فإنّ في التّفكّرِ زِيادةَ اليَقِين بكمَالِ قُدرةِ الله وفي ذلكَ تَقويةَ الإيمانِ، وفي ذلكَ محبَّةَ اللهِ وغَيرَ ذلكَ منَ الفَوائد.التّفكُّر يَزيدُ مِنْ خَشيَةِ اللهِ،والتّفكُّر الذي يحبُّهُ الله هو التّفَكُّر في مَصنُوعَاتِ الله، لينظُر في حالِ نَفسِه يقولُ أنَا كنتُ نُطفَةً ثم اللهُ تَعالى خلَقَني إنسانًا بشَرًا سَويًّا، ثم طَوّرني مِنْ حَالةِ الضّعفِ إلى حَالةِ القُوّة.أليسَ الإنسانُ أوّلَ ما يُولَدُ لا يتَكلَّمُ ولا يَعلَمُ شَيئًا ولا يمشِي ولا يميّزُ مَا يَنفَعُه مما يَضُرُّه،ثم الله تَعالى يُطوّرُه منَ الضّعفِ إلى القُوّةِ بَعدَ أنْ كانَ ضَعِيفًا،الله تعالى يَخلقُ فيهِ القُوّةَ والنّشاطَ ثم هذا النّشاطُ إن استَعملَهُ في الخيرِ فِيما يَنفَعُه لما بعدَ الموتِ في القَبر وفي الآخِرةِ كانَ حَازِمًا في أَمرِه.

ولْيَتفَكّرِ الإنسانُ في حَواسّهِ الخَمسِ الظّاهرةِ وهيَ السّمع والبصَر الشّمّ والذّوق واللّمس،

أما السّمعُ فهو قُوّةٌ مُودَعَةٌ في العَصَبِ المفرُوشِ في مُقَعَّرِ الصّمَاخ أي مؤخَّرِه يُدرَكُ بهِ الأصواتُ بطَريقِ وصُولِ الهَواءِ المتَكَيِّفِ بكَيْفِيّةِ الصّوتِ إلى الصّمَاخِ، بمعنى أنّ اللهَ يَخلُقُ الإدراكَ في النّفسِ عندَ ذَلكَ،

والبصَرُ وهوَ قُوّةٌ مُودَعَةٌ في العصَبتَينِ المجوَّفتَينِ اللّتَينِ تتَلاقَيانِ في الدّمَاغ ثم يَفتَرِقَانِ فيتَأدّيَانِ إلى العَينَينِ يُدرَكُ بهما الأضواءُ والألوانُ والأشكَالُ وغَيرُ ذلكَ مما يخلُقُ الله إدرَاكَهُ في النَّفسِ عندَ استِعمالِ تِلكَ القُوّة ،

والشّمُّ وهو قوّةٌ مُودَعةٌ في الزّائِدَتَينِ النَّاتِئتَينِ في مُقَدَّم الدِّمَاغِ يُدرَك بها الرّوائحُ بطَريقِ وصُولِ الهَواءِ المتَكيِّفِ بكَيفِيّةٍ ذِي رائِحةٍ إلى الخَيشُوم يخلُق الله سبحانَه وتَعالى الإدراكَ عندَ ذلك ،

والذَّوقُ وهو قُوّةٌ مُنبَثٌّةٌ في العصَبِ المفروشِ على جِرْمِ اللِّسانِ يُدرَكُ بها الطُّعُومُ بمخَالطَةِ الرّطُوبةِ اللُّعَابيّةِ التي في الفَمِ للمَطعُوم ووصُولها إلى العصَب،يَخلُقُ اللهُ سُبحانَهُ وتَعالى الإدراكَ عندَ ذلكَ.

واللَّمسُ وهوَ قُوّةٌ مُنبَثَّةٌ في جمِيعِ البَدنِ يُدرَكُ بها الحرارَةُ والبُرودَةُ والرّطُوبَةُ واليبُوسةُ ونحوُ ذلكَ عندَ الاتّصالِ والتّمَاسِ يَخلُقُ اللهُ سُبحانَهُ وتَعالى الإدراكَ عندَ ذلكَ.

أمَّا التّفكُّر في ذاتِ اللهِ مَنهِيٌّ عنهُ لقَولِه صَلى الله عليه وسلم:لا فِكرَةَ في الرَّبِّ"رواه أبو القاسِم الأنصاري.

ومعنَاهُ لا يجُوز التّفكُّر في ذاتِ اللهِ لأنّهُ لا شَبيهَ لهُ،أمّا التّفكُّر في مخلوقاتِ اللهِ فَقد أُمِرنَا بهِ،

فاللهُ سُبحانَهُ وتَعالى لا يُدركُه الوَهمُ لأنّ الوَهمَ يُدرِكُ الأشياءَ التي لها وجُودٌ في هذه الدُّنيا كالإنسان والغمَامِ والمطَرِ والشّجَر ومَا أَشبَه ذلك،فيُفهَم مِن هذا أنّ الله لا يجوز تصَوُّرُه بكيفِيّةٍ وشَكلٍ ومِقدَارٍ ومِسَاحةٍ ولَونٍ وكُلّ ما هو مِن صِفاتِ الخَلق.

وكذلكَ يُفهَمُ مِن قَولِه تَعالى" وأنَّ إلى ربّكَ المنتَهَى "أنّهُ لا تُدركُه تصَوُّراتُ العِبادِ وأَوهَامُهُم كمَا ذكَرَه البغَوِيُّ بإسنادِه عن أُبيّ بنِ كَعبٍ وهوَ مِن مشَاهِيرِ الصّحابةِ أنّه قال"إليه انتَهى فِكرُ مَن تفَكَّر"أي إليه تنتهي الأفكار،أي لا تصِلُ إليه الأفكار ،أي الذي دُونَهُ تَنتَهِي الفِكرةُ،معناه الأفكارُ والأوهام تَعجِزُ عن إدراكِ حقِيقةِ الله.

فالتفكر في ذات الله أي حقيقته ليس فيه خير لأن الله لا يمكن تصوُّرُه في النفس.

Share this post

Submit to DiggSubmit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to StumbleuponSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

Search our site

Listen to the Qur'an

Click

كيف يدخل غير المسلم في الإسلام

يَدخل غيرُ المسلم في الإسلام بالإيمان بمعنى الشهادتين وقولِهِما سامعًا نفسَه بأيّ لغةٍ يُحسنها.

وإن أراد قولَهما بالعربية فهما:

أَشْهَدُ أَنْ لا إلَـهَ إلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله

وَهَذا هو التسجيل الصوتي للشهادتين اضغط

A.I.C.P. The Voice of Moderation