Sunday, 06 October 2024
A+ R A-

شرحُ قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ سورة البقرة/153

إنَّ الحمدَ للهِ نحمَدُهُ ونستعينُهُ ونستهديهِ ونشكُرُهُ ونستغفِرُهُ ونتوبُ إليهِ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنْفُسِنا ومِنْ سَيّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهدِ اللهُ فلا مُضِلَّ لَهُ ومَنْ يُضْلِلْ فلا هاديَ لهُ.

وأشهدُ أنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ولا مَثِيلَ لَهُ، ولا ضِدَّ ولا نِدَّ ولا زَوْجَةَ وَلا وَلَدَ لَهُ، ولا شَبِيهَ ولا مَثِيلَ ولا كَيْفَ ولا أَيْنَ ولا جِهَةَ ولا مَكانَ لَهُ، كانَ قَبْلَ المَكانِ بِلا مَكانٍ ثُمَّ خَلَقَ المكَانَ وهو لا يحتاجُ إليهِ. وأشهدُ أَنَّ سيدَنا وحَبِيبَنَا وقائِدَنا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنَا وَشفيعَنا مُحَمَّدًا عبدُ اللهِ ورسولُهُ وصَفِيُّهُ وحَبِيبُهُ. الصلاةُ والسلامُ عليكَ يا زَيْنَ الخَلائِقِ ويا مُعَلِّمَ الناسِ الخُلُقَ الحَسَنَ يا سَيِّدِي يا رَسُولَ اللهِ.

أما بعدُ عبادَ اللهِ، أوصيكم ونفسي بتَقْوَى اللهِ اتَّقُوا اللهَ في السِّرِّ والعَلَنِ وَخَافُوهُ ولا تَعْصُوه. يقولُ اللهُ تباركَ وتعالَى في كِتابِه العَزِيز: ﴿يا أَيُّها الذِينَ ءامنُوا استَعِينُوا بِالصَّبْرِ والصَّلاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرينَ﴾ سورة البقرة/153.

إخوةَ الايمان، إِنَّ اللهَ تباركَ وتعالَى خَلَقَنَا وأَوْجَدَنَا في هذِهِ الدُّنْيَا لِيَبْتَلِيَنَا أي لِيَخْتَبِرَنَا أيُّنَا يُحْسِنُ عَمَلاً فيَصبِرُ على البَلايَا والمصائِبِ ولا يَعْتَرِضُ على اللهِ ولا يَكْفُرُ باللهِ، وأَيُّنَا يُسيِءُ عَمَلاً فَيَخْسَرُ الدنيا والآخِرَةَ وَدَلَّنَا عَلَى سُبُلِ النَّجاةِ أَلا وَهُوَ الاستِعَانَةُ بِالصَّبْرِ والصَّلاةِ.

أمَّا الصَّبرُ أَحْبَابَنا فَهُوَ حَبْسُ النَّفْسِ وَقَهْرُهَا عَلَى لَذِيذٍ تُفَارِقُهُ أَوْ مَكْرُوهٍ تَتَحَمَّلُهُ، فالصَّابِرُ يُجَاهِدُ ويعصِي نَفْسَهُ لِيُطِيعَ رَبَّ العِبَادِ فَمَنْ كَانَ أَمْرُهُ كذلِكَ فلَهُ البُشْرَى العَظِيمَةُ التِي بَشَّرَ اللهُ بِهَا الصَّابِرينَ بِقَوْلِه: ﴿إِنَّ اللهَ معَ الصَّابِرينَ﴾ وَالْمَعِيَّةُ المذكورَةُ في هذهِ الآيَةِ أحبابَنا هِيَ مَعِيَّةُ النُّصْرَةِ والحِفْظِ أي أَنَّ اللهَ يَنْصُرُهُمْ.

ثم الصبرُ على أَنْواعٍ ثَلاثَةٍ:

فالأولُ: الصبرُ على أداءِ الفَرائِضِ، فَمِنْ ذَلِكَ الصبرُ على صَرْفِ شَىءٍ مِنَ الوَقْتِ لِتَلَقِّي القَدْرِ الضَّرورِيِّ من علمِ الدِّينِ وهو الذِي يَلْزَمُ كُلَّ شَخْصٍ مُسْلِمٍ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَنْ يَتَعَلَّمَهُ مَعَ فَهْمٍ مَسَائِلِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ الصَّبْرُ عَلَى الجُوعِ نَهَارَ رمَضَانَ، وَمِنْ ذلكَ الصبرُ على أدَاءِ الصَّلوَاتِ معَ الطَّهارةِ الْمُجْزِئَةِ ولو في أيَّامِ البَرْدِ وَالشِّتاءِ.

والنوعُ الثانِي: الصبرُ عنِ ارْتِكابِ مَا حَرَّمَ اللهُ علينَا أي أَنْ نَكُفَّ أَنْفُسَنَا عَنِ الحرامِ امتِثَالاً وَتَنْفِيذًا لأمرِ اللهِ تباركَ وتعالَى، فَمِنْ ذلكَ أنهُ يَجِبُ علَى الرجُلُ أن يَكُفَّ نَفْسَهُ عَنِ النَّظَرِ إلَى مَا حَرَّمَ اللهُ مِنْ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ، وَالمرأَةُ يَجِبُ عَلَيْهَا ذَلِكَ أَيْضًا، وَمِنْ ذَلكَ أَنَّ مَنِ ابْتُلِيَ بِالفَقْرِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُفَّ نَفْسَهُ عَنِ السَّرِقَةِ وَلو ضَاقَتْ بِهِ الأَحْوَالُ ولو طَلَبَتْ زَوجتُهُ ذلكَ منهُ فإِنَّهُ كما قالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا طاعَةَ لِمَخْلُوقٍ في مَعصِيَةِ الخَالِقِ".

وأمَّا النَّوعُ الثَّالِثُ: فهُوَ الصبرُ على المصائبِ والبَلايَا والشَّدائدِ، فَمَنْ أصابَتْهُ مصيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ فَلْيَقُلْ: "إنَّا للهِ وإنا إليهِ رَاجِعُونَ" وَلا يَعْتَرِضُ على اللهِ وَلا يَغضَبُ، فَكَمْ مِنْ أناسٍ لَمْ يَصْبِرُوا عِنْدَ المصَائِبِ فَشَتَمُوا اللهَ والعِيَاذُ بِاللهِ فَخَرَجُوا بذلِكَ مِنَ الإِسلامِ فَهؤلاءِ لَمْ يَعْمَلُوا بِوَصِيَّةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم التي أوصَى بِهَا بعضَ الصحابةِ فقالَ لهُ: "لا تَغضَبْ".

فهؤلاءِ الذينَ شَتَمُوا اللهَ واعتَرَضُوا علَى اللهِ خَسِرُوا بذَلكَ أنفُسَهُمْ.

إخوانِي، يَقولُ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ليسَ الشديدُ بِالصُّرَعَه إنما الشَّديدُ الذِي يَمْلِكُ نفسَهُ عندَ الغضَبِ".

معنَاهُ ليسَ الشَّخصُ الشديدُ الذِي إذَا سَاءَهُ شَىْءٌ سَارَعَ إلى صَرعِ الناسِ وإِيذائِهم، بل هَذَا ضَعِيفٌ وَذَلِكَ لأنَّ نفسَهُ غَلَبَتْهُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ أن يُسَيْطِرَ عليهَا. وَإِنَّما الشديدُ هوَ الذِي يَمْلِكُ نفسَهُ عندَ الغَضَبِ.

اخوانِي، اصبِروا علَى البَلاءِ واعلَمُوا أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "فَمَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيرًا يُصِبْ منهُ" أي يَبْتَلِيهِ لِيُكَفِّرَ خَطايَاهُ وَيَرْفَعَ درَجاتِه.

هكذَا يكونُ الرِّجالُ، هكذا يَكونُ الصَّالِحونَ، هكذَا يكونُ طلابُ الآخِرَةِ الذِينَ عرفُوا اللهَ فأَدَّوْا حَقَّهُ. اللهمَّ اجعَلْنَا مِنَ الصَّالِحينَ الصَّابِرينَ يا رَبَّنا يَا اللهُ. هذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ

الخُطبةُ الثانيةُ :

الحمدُ للهِ نحمَدُه ونستعينُه ونستغفرُه ونستهْدِيهِ ونشكُرُه ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنا وسيّئاتِ أعْمَالِنا مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لهُ ومَنْ يُضْلِلْ فلا هادِي لهُ والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ محمّد . عبادَ اللهِ أُوصِيْ نفسِيَ وإيّاكمْ بتقْوَى اللهِ العَليّ العظيمِ فاتقوه.

واعلَموا أيها الأحِبّةُ أنَّ اللهَ أمرَكُمْ بأمْرٍ عظيمٍ أمرَكُمْ بالصلاةِ والسلامِ على نبيِهِ الكريمِ فقالَ ﴿إنَّ اللهَ وملائكتَهُ يصلُّونَ على النبِيِ يَا أيُّهَا الذينَ ءامَنوا صَلُّوا عليهِ وسَلّموا تَسْليمًا﴾ اللّـهُمَّ صَلّ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا صلّيتَ على سيّدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ وبارِكْ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا بارَكْتَ على سيّدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ إنّكَ حميدٌ مجيدٌ، يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْءٌ عَظِيمٌ {1} يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ﴾،{2} سورة الحجّ ،اللّـهُمَّ إنَّا دعَوْناكَ فاستجبْ لنا دعاءَنا فاغفرِ اللّـهُمَّ لنا ذنوبَنا وإسرافَنا في أمرِنا اللّـهُمَّ اغفِرْ للمؤمنينَ والمؤمناتِ الأحياءِ منهُمْ والأمواتِ ربَّنا ءاتِنا في الدنيا حسَنةً وفي الآخِرَةِ حسنةً وقِنا عذابَ النارِ اللّـهُمَّ اجعلْنا هُداةً مُهتدينَ غيرَ ضالّينَ ولا مُضِلينَ اللّـهُمَّ استرْ عَوراتِنا وءامِنْ روعاتِنا واكفِنا مَا أَهمَّنا وَقِنا شَرَّ ما نتخوَّفُ.عبادَ اللهِ إنَّ اللهَ يأمرُ بالعَدْلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذِي القربى وينهى عَنِ الفحشاءِ والمنكرِ والبَغي، يعظُكُمْ لعلَّكُمْ تذَكَّرون. اذكُروا اللهَ العظيمَ يذكرْكُمْ واشكُروهُ يزِدْكُمْ، واستغفروه يغفِرْ لكُمْ واتّقوهُ يجعلْ لكُمْ مِنْ أمرِكُمْ مخرَجًا، وَأَقِمِ الصلاةَ .

Share this post

Submit to DiggSubmit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to StumbleuponSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

Search our site

Listen to the Qur'an

Click

كيف يدخل غير المسلم في الإسلام

يَدخل غيرُ المسلم في الإسلام بالإيمان بمعنى الشهادتين وقولِهِما سامعًا نفسَه بأيّ لغةٍ يُحسنها.

وإن أراد قولَهما بالعربية فهما:

أَشْهَدُ أَنْ لا إلَـهَ إلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله

وَهَذا هو التسجيل الصوتي للشهادتين اضغط

A.I.C.P. The Voice of Moderation